بحسب آخر تقرير لإصابات العمل صادر عن الضمان الاجتماعي في عام2022حدث ما يلي:
وبالإضافة لذلك، تم الاستعانة بعدة مصادر أخرى مثل المرصد العمالي الأردني وتقارير وزارة العمل، بالإضافة لإجراء مقابلة مع الكاتب والباحث في التأمينات الاجتماعية ومؤلف كتاب إصابات العمل د. محمد خالد الزعبي الذي عمل في الضمان الاجتماعي لأكثر من 25 عاماً، ومقابلة خبير السلامة والصحة المهنية فراس الشطناوي مدير إدارة السلامة المهنية وإصابات العمل في الضمان الاجتماعي سابقاً ورئيس المجلس العربي للسلامة والصحة المهنية، بالإضافة لإجراء مقابلات مع مجموعة من العمال الذين شاركونا قصصهم وما مروا به.
بداية لفهم إصابات العمل علينا فهم الفرق بين اصابة العمل وحادث العمل فوفقاً للنشرة التعريفية الصادرة عن وزارة العمل تعرف إصابة العمل على أنها واحدة من التالي:
أما حادث العمل وفقاً ل د. محمد خالد الزعبي: ” أي حادث يحدث أثناء العمل، سواء نتج عنه إصابة أم لا. فمثلاً تدهور آلية أو سقوط شيء على الأرض تعتبر حادث حتى لو لم تنتج عنه إصابة، فهو أي حدث غير متوقع فجائي. له مواصفات الحادث وعلى عكس الإصابة المعنية فقط بالأشخاص.” لذا فإن كل إصابة عمل تنتج عن حادث ولكن ليس كل حادث ينتج عنه إصابات.
إحصائيات لا تعكس الواقع
ومن الملاحظ انخفاض نسب الإصابات المهنية في الأعوام الأخيرة على الرغم من ازدياد عدد العاملين وعند بحثنا عن أسباب هذا الانخفاض لنعرف فيما كان هذا يعكس الواقع بانخفاض فعلي في عدد الإصابات وتحسن ظروف العمال، تم مقارنة معدلات “قبول المطالبات” بين السنوات: وهي نسبة القرارات التي وافقت لجان المؤسسة على اعتبار الإشعار المقدم إصابة عمل، والموافقة على استحقاق العامل للمنافع المترتبة على ذلك، حيث تم احتساب نسبة القبول وفقاً للمعادلة التالية:
وجرى احتساب هذه النسب وفقاً للجداول الموجودة في التقارير السنوية في الضمان الاجتماعي في الملحق الإحصائي لكل تقرير من التقارير العشرة، حيث تم احتساب الإصابات لمجمل العاملين المشتركين إلزامياً في الضمان في القطاعين العام والخاص وليس فقط ما يتم احتسابه في تقارير إصابات العمل الصادرة عن الضمان والتي تركز على القطاع الخاص.
ولكن لماذا يرفض الضمان هذه النسبة العالية من المطالبات التي قد تصل للثلث في بعض السنوات؟
لفهم هذا علينا بداية معرفة الخطوات التي يتم بها البت في قبول إصابات العمل وتحديد نتيجة الإصابة مما يؤثر على المنافع الذي سيحصل عليها المصاب.
عند التبليغ عن حادث العمل يجب إرفاق مجموعة من الوثائق المطلوبة، من نموذج إشعار الحادث والتقارير الطبية والتحاليل المخبرية والصور الإشعاعية ومحاضر الشرطة في حال تتطلب ذلك. يتم التحقق من قبل لجان الضمان الاجتماعي ممن صحة الإصابة وبعدها يتم إصدار القرار وصرف المستحقات. ولكن ما علاقة هذا برفض بعض الإصابات.
يقول د. محمد الزعبي في كتابه تأمين إصابات العمل:
“إن لجان المؤسسة تنظر لنفسها كجهة قضائية وليس كجهة تقوم مقام المتسبب بالإصابة فوضعت بسبب هذا الاعتقاد عبء إبراز الأدلة على وقوع الإصابة على كاهل المصاب رغم ضعفه وعدم قدرته على جمع الأدلة، لأن الحادث يقع دون معرفة مسبقة من المصاب، بل وكانت تطالب بهذه الأدلة بعد أشهر عديدة ممن وقوع الحادث وتستغل أخطاء الشهود الناجمة عن ذلك لرفض الإصابة مع أن الأصل أن هذه اللجان تنفيذية فنية وظيفتها إقرار الإصابات بسرعة وسلاسة وبدون صعوبة وأن عليها أن تبحث في الأدلة والبراهين التي تساعدها باتخاذ القرار العادل.”
مضيفاً: “إن المؤسسة قد اهتمت بشكل مبالغ في بمنع حالات التحايل في منافع تأمين الإصابات في ظل عدم وجود المدد الكافية للمؤمنين للحصول على رواتب تقاعدية، وعدم وجود تأمين صحي لهم وقد تصاعد هذا التشدد بسبب اكتشاف بعض حالات التحايل بشكل خاص بين أصحاب الرواتب المرتفعة” لكن هذا التشديد أتى بنتيجة عكسية أدت إلى حرمان بعض المصابين من حقوقهم.”
وهذا ما أكد عليه خلدون حمدان من تجربته ” -29 سنة- “وأنا بشتغل كنا ننزل بضاعة حديد عن بكم وانا حامل الحديد وقعت عن عتبة كبيرة تقريبا ارتفاعها 90 سم من عن الارض وصار عندي قطع بالغضروف الانسي وقطع بالرباط الصليبي، سجلوني إصابة عمل، عملت أول عملية، خياطة الغضروف والرباط وما نجحت العملية اضطررت أعمل كمان عملية، برضو العملية ما نجحت، وروحت على المستشفى وشافها الدكتور وقالي بدك عملية جديدة مع صورة رنين مغناطيسي، وكل مرة بروح للجان الضمان بحكيلهم كتبلي الدكتور تقرير طبي أنه أنا بحاجة لصورة رنين مغناطيسي ومتابعة علاج برفضوها بيقول لي لا فيش فيك شي برجع بقول بعدين لا أنت لازم تستقر مع الوجع”
كما أشار د. الزعبي في كتابه إلى دور إن الخلفية العملية للقائمين على إدارة الضمان تؤثر على تعاطيهم مع إصابات العمل بحسب د. الزعبي: “إن القائمين على إدارة المؤسسة (ومعظمهم من الخبراء الماليين القادمين من البنوك) لم يفهموا أن تأمين إصابات العمل يقصد به أن تقوم المؤسسة مقام صاحب العمل، الملزم بمعالجة وتعويض المصاب عن الضرر الذي لحق به. بل إن بعض هؤلاء المدراء يعتقد أن إصابة العامل لا تحصل إلا بسبب إهمال من العامل نفسه، ومن الطبيعي أن يتحمل تبعات هذا الإهمال من أضرار جسدية ومالية.. ويضيف بأنه قد سادت سابقاً موجة من الافتخار بين موظفي المؤسسة (بتوجيه من الإدارات) برفض إصابات عن طريق البحث عن التعقيدات والتفتيش عن الثغرات في ادعاءات المصابين “
“باختصار تعتقد المؤسسة أن المصاب مدع وكاذب إلى أن يثبت العكس مع أن الأصل أنه صادق إلى أن يثبت العكس”
نسب الإصابات المهنية في الأعوام الأخيرة على الرغم من ازدياد عدد العاملين وعند بحثنا عن أسباب هذا الانخفاض لنعرف فيما كان هذا يعكس الواقع بانخفاض فعلي في عدد الإصابات وتحسن ظروف العمال، تم مقارنة معدلات “قبول المطالبات” بين السنوات: وهي نسبة القرارات التي وافقت لجان المؤسسة على اعتبار الإشعار المقدم إصابة عمل، والموافقة على استحقاق العامل للمنافع المترتبة على ذلك، حيث تم احتساب نسبة القبول وفقاً للمعادلة التالية:
الصحة والسلامة المهنية ضعف الرقابة أم الكلفة العالية ؟
تنطوي بيئة العمل على مخاطر من أنواع عدة منها الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والأخطار الإيرجونومية: وغيرها ويقع على عاتق صاحب العمل حماية الموظفين من إصابات العمل عبر الالتزام بقواعد الصحة والسلامة المهنية: سواء بتوفير مختلف الأدوات اللازمة للعمال لحماية أنفسهم من معدات واقية وأحذية وملابس مناسبة ولوحات تحذيرية، بالإضافة إجراء الصيانة الدورية اللازمة للآلات والأجهزة بما يضمن صلاحيتها للاستخدام، ووضع سياسات الصحة والسلامة المهنية في المنشأة وذلك عبر تقييم المخاطر الموجودة والعمال المعرضين للخطر ووضع إجراءات اللازمة للحد من هذه المخاطر.

المقصود بالأخطار الإيروجونومية: تأثير وضع الجسم الغير مريح الذي يتخذه العامل بعمله لساعات طويلة أو الحركة المتكررة لجزء من الجسم لوقت طويل أوحمل الأثقال وغيرها، هذه الأخطار التي يمكن أن تتسبب بأمراض مهنية وليس فقط إصابة عمل. حيث يعرف المرض المهني بأنه الضرر الذي يلحق بالجسم نتيجة لتعرضه لعوامل الخطورة بجرعات أقل ولكن لمدة كبيرة كتعرض العامل لجرعات قليلة مستمرة من المواد السامة على مدار طويل مما قد ينتج عنه الإصابة بالسرطان أو غيره من الأمراض.
نسب صحة وسلامة مهني
نسب صحة وسلامة مهنيمعدل قبول المطالبة = (عدد إصابات العمل /عدد إجمالي حوادث العمل) 100
ولكن ما الذي يمنع المؤسسات من تطبيق معايير السلامة كما يجب؟
بدايةً يشكل ضعف الرقابة على المنشآت عاملاً أساسياً بالإضافة لذلك التكلفة العالية لتطبيق هذه المعايير خاصة بالنسبة للمنشآت المتوسطة والصغيرة، بحسب الزعبي يجب أن يكون دور مؤسسة الضمان دوراً إرشادياً وذلك عبر مساعدة المؤسسات على تطبيق معايير الصحة والسلامة ولا يقتصر دورهم على الدور الرقابي وزيادة نسبة تأمين إصابات العمل”. “من أهم الأسباب ضعف دور النقابات العمالية في الأردن والتي تعتبر الجهة الأهم للمطالبة بحقوق العمال. نقص الخبرات والكفاءات في مجال الصحة والسلامة المهنية وخاصة في موضوع المرض المهني حيث لا يقوم الطبيب بسؤال المريض عن مهنته وربط المهنة بالمرض الذي يعاني منه” وفقاً للشطناوي يجب أن يكون دور الضمان وقائي وليس علاجي بحيث نمنع إصابة العمل قبل حدوثها وتفاقمها. العامل هو الحلقة الأضعف يقول فراس الشطناوي: “عند حدوث الإصابة غالباً ما يتم إلقاء اللوم على العامل لذا يسعى الجميع لرفع وعي العامل بإصابات العمل ولكن ما تقوله الأرقام أن العامل ليس فعلا المسبب الأساسي للإصابة فالنظام المتواجد فيه له الدور الحاسم في تعرض العامل للمرض” وعلى الرغم من محاولة الضمان تشجيع أصحاب العمل عل الإلتزام عبر وضع عوامل تحفيزية جائزة للمنشآت الملتزمة ويتم زيادة نسبة اليتم زيادة نسبة الاشتراك في حالة عدم الالتزام إلا أن هذه الشروط أدت لتقليل التبليغ عن الحوادث خوفاً من التكلفة المترتبة على ذلك
يقول “خلدون حمدان” -92 سنة- الذي كان يعمل كحداد وتعرض لإصابة عمل أدت إلى قطع بالغضروف الأنسي وقطع بالرباط الصليبي: “بالمصنع ما كان في سلامة عامة بالمرة يعني على سبيل المثال كفوف للأيدين نلبسهم ما كانوا يجيبوا لنا مع أنو شغلنا باللحام ونار وقص حتى نظارات اللحام نلبسهم ما كانوا يجيبوا لنا تمام وثالث إشي إنه نظام سيفتي يعني إنه واحد يلبس حذاء آمن عشان القص واذا اشي ثقيل وقعت على الرجل أو حديد وقع ما كان في .”مضيفاً: “عمستوى كنا نشتغل في الشمس طلبنا منه طواقي لأجل الشمس الدنيا شوب وكتير نار الجو ما كانوا يجيبولنا طواقي يقولوا هاد الموجود مو عاجبك روح روح .”
أما محمود حمود المومني الذي تعرض لإصابة عمل خلال عمله كنجار”الشركة ما عندها إجراءات سلامة عامة، كان فيها تقريباً فوق 003 موظف فوق بعض، كان فيها فوق تقريباً 002 موظف غير خاضعين للضمان الاجتماعي، والشركة فيها حالياً تقريباً فوق 51 إصابة عمل، وفيها حالتين وفاة من إصابة عمل كمان وحتى ما كان في مشرف سلامة عامة من الأساس”
لكن ما أهم مسببات إصابات العمل؟
لمعرفة ذلك قمنا بتحليل جداول مسببات إصابة العمل في التقارير السنوية للضمان الاجتماعي للأعوام العشرة الواقع بين 2013 و2022 وذلك لرسم صورة أكثر شمولاً عن مسببات إصابات العمل بعيداً عن تذبذبات الأرقام في الأعوام المختلفة وفقاً للظروف الاستثنائية في بعض الأعوام مثل كوفيد19 والحرب على غزة والذين كان لهما تأثير على القطاعات الاقتصادية في الأردن.
وتبين أن أعلى مسبب لإصابات العمل وبفرق واضح عن باقي الأسباب كان سقوط الأشخاص حيث تعرض ما يزيد عن 33 ألف عامل وعاملة لإصابات عمل بسبب السقوط خلال العشر أعوام المذكورة، يليها سقوط الأشياء بأكثر من 41 ألف إصابة. يليها أدوات العمل اليدوي برقم مقارب، والسير على الأشياء والاصطدام بها بأكثر من 9 آلاف إصابة هذا لإجمالي الإصابات.
ولكن كان من الملفت بأنه وعلى الرغم من اشتراك الإناث والذكور في المسبب الأول للإصابة سقوط الأشخاص، ولكن في المرتبة الثانية لمسببات الإصابة بالنسبة للإناث كانت عوامل مصنفة بأنها “عوامل أخرى” ضمن جداول مسببات الإصابة بدون تفصيل معين لظروف الإصابة وأما العامل الثالث المسبب للإصابة للإناث فجاءت تحت مسمى “بيئة العمل” بدون توضيحات لمعنى هذه الإصابة مما يدفعنا للتساؤل هل تعامل إصابات العمل لدى الإناث بجدية أقل وهل يتم تهميش أسباب الإصابات لدى الإناث عند تسجيل البيانات وتحليلها.
وبخصوص حوادث السقوط أكد السيد فراس شطناوي مدير إدارة السلامة المهنية وإصابات العمل في الضمان الاجتماعي سابقاً ورئيس المجلس العربي للسلامة والصحة المهنية والذي أجرينا مقابلة معه عبر زووم على أهمية تحليل أسباب الإصابة لتحديد الإجراءات المتبعة قائلاً “يجب أن نأخذ حادث السقوط ونعرف الأسباب التي أدت إليه. يمكن أن تكون الأرضيات غير مناسبة، أو أن الناس لا يرتدون الحذاء المناسب. في بعض المصانع الغذائية، قد تكون الأرض زلقة. في قطاع الإنشاءات، قد لا يتم اتخاذ تدابير السلامة اللازمة. وبالتالي، كل سبب من هذه الأسباب له طريقة حل.” بناءً على هذه الأسباب، نضع الطرق لحلها. فمثلاً إذا كنا على مستوى المنشأة، عندما نحلل الإصابات، نعرف مثلاً أن سقوط الأشخاص يتكرر في موقع معين. حينها، نبدأ بوضع طرق وقاية لتقليل عدد الإصابات.” ولكن بحسب الزعبي فإن التغيير لابد أن يتم على مستوى الدولة وليس على مستوى المنشآت فحسب فعملية المحافظة على صحة وسلامة العاملين هي مسؤولية مشتركة.”
التغيير لابد أن يتم على مستوى الدولة وليس على مستوى المنشآت فحسب فعملية المحافظة على صحة وسلامة العاملين هي مسؤولية مشتركة.”.”
واقع العمالة المهاجرة في الأردن
وفاة عامل “وافد” بالسقوط من مرتفع، وفاة عامل وافد نتيجة حريق …. عناوين أصبحت معتادة في وسائل الإعلام.. إن وفيات العمال المهاجرين أصبحت من الأخبار المتكررة وبشكل دوري ولا نعرف إن كان استخدام لفظ وافد هو طريقة غير مباشرة لتقليل التعاطف مع العامل المتوفي أو تقليل الاهتمام بالموضوع، ولكن ما نعرفه أن هذه الحوادث أصبحت تتكرر بشكل لا يمكن إنكاره. ولتحليل وضع إصابات العمل للعمالة المهاجرة حاولنا بداية تحليل واقع العمالة المهاجرة في الأردن. إن العمال المهاجرين يشكلون حجر أساس في الاقتصاد الأردني حيث بلغ عدد العمالة المهاجرة الحاصلة على تصاريح عمل في الأردن ما مجموعه 292,271 عاملاً عام 2022 وفقا لوزارة العمل. 3 ويعمل أغلبهم في القطاعات الحيوية التي تشهد عزوفاً من الأردنيين وبعض القطاعات التي تفتقر لمتطلبات العمل الجيد واللائق مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، وأيضاً تحديد ساعات العمل والأجور العادلة ويوضح الشكل أعداد العاملين في الأردن بحسب الجنسية:
من الملاحظ وجود عدد كبير جداً من العمالة المصرية في الأردن ما يقارب النصف. وتحل الأردن كثالث دولة من حيث الدول التي الأكثر استقبالاً للعاملين من مصر بعد السعودية والكويت وبلغ عدد العاملين المصريين الحاصلين على تصاريح عمل في الأردن ما يزيد عن 331 ألف عامل العام الماضي وفق التصريحات الأخيرة لوزير العمل السابق. 4 تليها الجنسية البنغالية التي يصل عدد العاملين منها إلى أكثر من خمسين ألف وفقاً لسفيرة بنغلادش وبخلاف العمالة المصرية التي يتركز معظمها في قطاع الإنشاءات والزراعة والمطاعم تتركز العمالة البنغالية في مصانع الملابس وقطاع العمالة المنزلية وتشكل النساء ما يزيد عن 08% من إجمالي العمالة البنغالية في الأردن حيث قدر عدد العاملات البنغاليات في الأردن وفقا لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية 6 ب أكثر من 01 الاف عاملة، أما في المرتبة الثالثة فتأتي العمالة السورية بنسبة 3.7% من إجمالي العمال المصرح لهم، حيث تم عمل تسهيلات لإصدار تصاريح عمل بكلفة مخفضة عن باقي الجنسيات وذلك مراعاة للتغير الديموغرافي الذي حصل في التركيبة السكانية في الأردن ووجود ما يزيد عن مليون لاجئ سوري في الأردن، ولكن ذلك لا يعني أن الوضع أصبح مثالياً فعلى الرغم من أن معظم السكان السوريين في الأردن من الشباب وفئة منهم من حملة الشهادات الجامعية إلا أنهم لا يستطيعون العمل إلا في قطاعات محدودة شأنهم شأن باقي الجنسيات ويحظر عليهم العمل في الأعمال المكتبية مما يضيع على الاقتصاد الأردني الاستفادة من كفاءاتهم على النحو الممكن.
أما بالنسبة لتوزع العمال المهاجرين على المحافظات الأردنية فيمكنك الاطلاع على الشكل التالي:
لكن هل فعلاً الأرقام تخبرنا بالحقيقة فيما يتعلق بالفئات الأكثر تضرراً؟
خلال دراسة البيانات الصادرة عن وزارة العمل حاولنا الإجابة على مجموعة من التساؤلات بخصوص إصابات العمل لدى العمال المهاجرين أولها هل عدد إصابات العمل لدى غير الأردنيين أعلى من الإصابات لدى الأردنيين؟ وقد كان الجواب على عكس المتوقع حيث تبين أن عدد الإصابات لدى للأردنيين المشتركين بالضمان الاجتماعي أعلى من نظرائهم غير الأردنيين المسجلين بالضمان الاجتماعي. مما يبدو غريباً وعلى عكس السائد عالمياً حيث يرتفع عدد إصابات العمل لدى العمالة المهاجرة وذلك وفقاً للتقرير الذي أعدته منظمة العمل الدولية والذي يشير للصحة والسلامة المهنية بين العمال المهاجرين وبينت أن ما نسبته 73% من الدول لديها نسب أعلى من الوفيات وإصابات العمل للعمال المهاجرين مقارنة بنظرائهم من العمال المحليين، لذا قمنا بالبحث بأهم هذه الأسباب محلياً ليتبين لنا التالي: بداية إن نسبة العمال المسجلين في الضمان الاجتماعي من العمال الوفدين قليلة جدا بالنسبة لإجمالي العمال حيث أن نسبة المسجلين في الضمان الإلزامي من الحاصلين على تصريح عمل كانت 26% تقريباً من العمال إلا أن هذه الأرقام لا تحكي القصة كاملة فكما أشرنا سابقاً فإن هناك العديد من العمال المهاجرين العاملين في القطاعات غير المنظمة كالإنشاءات والذين لا يخضعون للضمان الاجتماعي وذلك لعدم استيفاء الشروط الخضوع للضمان الاجتماعي، حيث يشترط الضمان لإخضاع العاملين بالضمان الإلزامي أن تكون مدة العمل الشهرية ستة عشر يوماً فأكثر حيث أن الضمان لا يقوم بتأمين إصابات العمل إلا للمشتركين فيه إلزامياً مما يعني عدم توفر إحصائيات كافية عن إصابات العمل للعمال المهاجرين غير المسجلين في الضمان الاجتماعي.

ثانيا عند النظر للعدد الإجمالي لحوادث العمل التي يتم التبليغ عنها انخفض عدد الحوادث التي يتم التبليغ عنها بشكل ملحوظ على الرغم من ارتفاع عدد العمال عبر السنوات ويعزى ذلك لعدة أسباب منها صعوبة الإجراءات وتكلفتها العالية للتبليغ ورفض العديد من الحالات وفقا لد. محمد الزعبي مما يجعل العمال لا يبلغون عن عدد كبير من الإصابات. وبالعودة للعمال المهاجرين فعلى الرغم من أن الوفيات الإصابية كانت أقل بين العمال المسجلين بالضمان من المهاجرين إلا أنه كان من اللافت أن خطورة الإصابات كانت اعلى ففي عام 2202 انتهى ما نسبته 8.0 من الإصابات بعجز كلي فوق 03% للمهاجرين مقارنة بما نسبته 0.4 للأردنين وللتأكد من هذه الفرضية تم تحليل بيانات عشر سنوات متتالية حيث قمنا بمقارنة نسبة الإصابات التي انتهت بعجز أكثر من 03 بين الأردنيين وغير الأردنيين وكانت دائماً النسبة أعلى لدى العمال المهاجرين بينما تقاربت النسب في الإصابات التي نتج عنها عجز أقل من 03 %.
بالإضافة للعوامل السابقة فإن هناك أسباب أخرى تمنع العمال الوافدين من التبليغ عن إصابات العمل مثل خوفهم من فقدان عملهم، أو الأسوأ التعرض للاحتجاز الإداري أو الإبعاد في حال تقدم صاحب العمل بشكوى أو تهديد العامل بمنعه من تجديد إقامته أو الحصول على عمل آخر في حال كانت الأوراق الثبوتية للعامل بحوزة صاحب العمل كما يحدث في الكثير من الحالات خاصة عمال الزراعة والعمالة المنزلية، حيث يقوم أحياناً أصحاب العمل بالتحفظ على أوراق العامل ومنعه من الحصول على عمل فيختار العامل عدم التبليغ. ب ومن العقبات الأخرى التي تواجه العمال المهاجرين احتمالية تعرضهم للاحتجاز التعسفي بناءً على اتهامات كاذبة من أصحاب العمل. فيتم إلقاء القبض عليهم دون تحقيق، ويواجهون خطر الترحيل القسري. يعيشون في السجون لفترات طويلة بانتظار البت في قضيتهم، بعيدين عن عائلاتهم ودون أي دعم.
القطاعات الأكثر خطورة وتفاوت غريب بين الجنسين
“إن أغلب العاملين في المهن الطبية المساندة هم من النساء، كمهام التمريض وهم العنصر الغالب في أغلب المستشفيات لذلك تزداد معدلات الإصابة لديهن في هذا القطاع كما أن هؤلاء العاملات توكل إليهم مهام شاقة أكثر من الأطباء.” يقول د. محمد خالد الزعبي وهذا ما أكده خبير الصحة والسلامة المهنية فراس الشطناوي قائلاً “إذا بحثنا، نجد أن الإناث تعمل في الدرجة الأولى في التعليم والصحة، والخدمات الفندقية، وبعض القطاعات الحكومية، والتجارة. هناك نسبة كبيرة تعمل في الصناعات التحويلية مثل صناعة الملبوسات حيث يوجد أكثر من 3 آلاف عاملة في مدينة الحسن الصناعية. لذا من الطبيعي أن تزداد الإصابات في هذه القطاعات.” ووفقاً للشطناوي تلعب الطبيعة الفسيولوجية للمرأة عاملاً في ازدياد نسبة الإصابة عند عملها في قطاعات معينة قائلا: “إن قلة التوعية هو عامل مشترك لزيادة الإصابة بين الذكور والإناث لكن هناك الطبيعة الجسمانية للمرأة قد تزيد احتمال إصابتها خصوصاً في المهام التي تتطلب تحميل وتنزيل، وأيضاً حساسية المرأة لبعض المواد الكيماوية الذي قد يعرضها للإصابة لذلك هناك بعض العمليات الكيماوية في مصانع الأدوية التي يمنع فيها عمل الإناث.” أما بالنسبة للعوامل الاجتماعية وتأثيرها على مدى تعرض المرأة لإصابات العمل فقد أشار د. محمد الزعبي أنه على الرغم من أن النساء يتعرضن إلى حوادث عمل أقل إلى أنها قد تكون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المهنية على المدى الطويل بحكم التقسيم الجندري والأدوار الجندرية الحالية التي تجعل المرأة تقوم بالأعمال المنزلية وحدها بالإضافة إلى وظيفتها مما يؤدي إلى ازدياد عدد الساعات التي تعمل فيها ويزيد من إجهادها، ومما قد يدفعها أيضاً إلى الخروج المبكر من سوق العمل قبل إنهاء سنوات الخدمة مما يحرمها من حقها في الرواتب التقاعدية. كما أضاف أنه يوجد بعض المهن التي يعد من القليل جداً أن تستمر المرأة في العمل لمدة كافية للحصول على الرواتب التقاعدية بسبب حدوث إصابات وتعب جسدي خلال عملها لسنوات في المهنة بسبب صعوبتها المهنة وظروف العمل فتقوم العاملات إما بالتقاعد المبكر أو بأخذ تعويض الدفعة الواحدة في الكثير من الحالات في مهن كالخياطة وغيرها. وعلى الرغم من أن الضمان أصدر لائحة بالمهن الخطرة وقام بتقصير عدد سنوات الخدمة فيها إلا أنه يوجد العديد من المهن التي لم يتم إدراجها وفقاً للزعبي. هذه وقد حددت مؤسسة الضمان الاجتماعي مجموعة من المهن الخطرة التي تتيح تقليل سنوات التقاعد بسبب خطورة المهنة أو عدم قدرة الأشخاص على القيام بها لسنوات عديدة وهنا قائمة بالمهن الأكثر خطورة وفقاً للمؤسسة.
أما عن تفاوت القطاعات التي إصابات العمل بين العمال الأردنيين والمهاجرين فمما يمكن ملاحظته أنه على الرغم من اشتراك الأردنيين والمهاجرين في القطاع الذي يحمل أعلى معدل إصابات ألا وهو الصحة والعمل الاجتماعي إلا أن الترتيب اختلف في القطاعات الأخرى حيث كانت القطاعات الأعلى خطورة في السنوات المذكورة للأردنيين كالتالي: الصحة والعمل الاجتماعي، الزراعة والصيد والحراجة، الصناعات التحويلية، السياحة، التعدين واستغلال المحاجر، الإنشاءات. أما بالنسبة للعمال المهاجرين فحظيت القطاعات التالية بأعلى معدلات لإصابات العمل لكل ألف عامل: الصحة والعمل الاجتماعي، التعدين واستغلال المحاجر، إمدادات الكهرباء والغاز والماء، الصناعات التحويلية، تجارة الجملة والتجزئة. أما فيما يتعلق بالوفيات الإصابية فعلى الرغم من أن قطاع الانشاءات يحل في مرتبة السادسة من حيث معدل الإصابات إلا أنه يعتبر من أكثر القطاعات خطورة حيث احتل المرتبة الأولى في نسبة الوفيات الإصابية لعام 1202 بأكثر من الثلث إجمالي الوفيات يليه قطاع التعدين والمحاجر.
ماذا بعد حصول الإصابة وإقرارها من الضمان الاجتماعي؟
إن قبول الإصابة من الضمان لا يشكل سوى نقطة البداية فعندها تبدأ سلسلة من التحديات الجديدة، مثل احتمالية عدم الدقة في تقدير نسبة العجز في بعض الحالات وذلك مبالغة في محاولة منع التحايل مما يؤدي لظلم بعض الأشخاص. والإجراءات التي تأخذ وقت طويل قد تضطر العامل إلى الإستدانة أو بيع المدخرات لتسديد تكاليف العلاج التي قد تكون طارئة، بالإضافة لاحتمالية عدم الأخذ بعين الاعتبار المضاعفات التي قد تحصل مع العامل بعد إصابة العمل. والكلفة العالية التي قد تتطلبها تكلفة العلاج في بعض الحالات والتي لا تتوفق مع المبلغ المصروف من الضمان، بالإضافة إلى تفاوت الأجور الطبية بين القائمة المعلن عنها من الضمان حيث تعتمد الأجور القديمة ولم يتم تعديلها بعد أن عدل الأطباء لائحة الأسعار. إن إصابات العمل عبئ اقتصادي كبير على العامل وصاحب العمل والاقتصاد الوطني لذا إن تضافر الجهود لتقليل آثاره ونسب حدوثه لن تؤثر على العاملين فقط بل سيعود أثرها على المجتمع ككل، مؤخراً قام الضمان بإطلاق استراتيجية جديدة للسلامة والصحة المهنية مما قد تعد بارقة أمل لإصلاح القليل مما يجب إصلاحه.
Resources : coming soon
This project was funded bu ICFJ