مقال صحافة بيانات

إصابات العمل في الأردن والفئات الأكثر تأثراً.. هل تخدعنا الأرقام​

إنتاج: مروة الفواعير


“ما كان في سلامة عامة بالمرة ولا بأبسط الأمور عمستوى كنا نشتغل بالشمس طلبنا طواقي لأجل الشمس الدنيا نار ما كانوا يجيبولنا طواقي ويقولوا هاد الموجود مو عاجبك روح روح


خلدون حمدان – متضرر من إصابة عمل

مقدمة:

ففي يومٍ حافل بالمهام في إحدى شركات صناعة الأثاث التي تضم عمالاً من مختلف الجنسيات حيث ينطلق العمال كعادتهم كلً يؤدي مهامه الموكلة إليه لم يدري “أحمد” أن حياته على وشك أن تتغير وأنه سيفقد مستقبله الوظيفي فخلال حمله لأريكة مع زميله تعثر أحمد بقطعة خشبية ملقاة على الأرض أدت لميلانه فقام زميله بإفلات الأريكة مما أدى لميلان أحمد والأريكة معاً في مشهد مؤلم لم تقتصر نتائجه على اصابة أحمد بانقطاع الوتر الصليبي فحسب بل تعدته لتؤثر على مستقبله المهني لسنوات.
إن حادثة أحمد تتكرر يومياً مع العديد من العمال في كل مكان في العالم ففي عام 3202 سجل الضمان الاجتماعي في الأردن 99411 إصابة عمل حتى نهاية شهر تشرين الأول من الشهر ذاته بين العمال المسجلين في الضمان الاجتماعي حسب الأرقام الأخيرة المنشورة.1
يأتي هذا المقال المدفوع بالبيانات لفحص واقع إصابات العمل في الأردن، مستعرضاً أبرز الحقائق فيما يتعلق بإصابات العمل وأنظمة السلامة والصحة المهنية مع التركيز على بعض الفئات التي لا تحظى بالاهتمام الكافي؛ كالعمال المهاجرين والنساء. كما يفتح باباً للتغيير عبر تسليط الضوء على ما تم إنجازه في هذا الشأن وما يزال تحت قائمة الانتظار..
خلال هذه الدراسة تم تحليل بيانات صادرة عن مؤسسة الضمان الاجتماعي الأردني للأعوام 3102- لغاية 2202 بواقع عشر سنوات وذلك لعدم توفر التقرير السنوي للعام السابق بعد على موقع الضمان.

بحسب آخر تقرير لإصابات العمل صادر عن الضمان الاجتماعي في عام2022حدث ما يلي:
وفاة إصابية
إصابة عمل
%+
من المصابين دون ال 30 عاماً
إصابة عمل 30 دقيقة
إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﺤﺎدث اﻟﺬي ﻳﻘﻊ في المكان المخصص ﻷداء اﻟﻌﻤﻞ أو ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ وﺧﻼل المدة اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ المحددة ﻷداء اﻟﻌﻤل أو ﺑﺴﺒﺒﻪ. وأخيراً إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺣﺎدث اﻟﻄﺮﻳﻖ بشرط وﻗﻮع اﻟﺤﺎدث ﺧﻼل ﻓترة ذﻫﺎب المؤﻣﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن ﺳﻜﻨﻪ اﻟﺪاﺋﻢ أو المؤﻗﺖ لمباشرة ﻋﻤﻠﻪ أو ﻋﻮدﺗﻪ ﻣﻨﻪ وبالشكل المعتاد والمسار المقبول

إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦاﻟﺤﺎدث اﻟﺬي ﻳﻘﻊ في المكان المخصص ﻷداء اﻟﻌﻤﻞ أو ﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻪ وﺧﻼل المدة اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ المحددةﻷداء اﻟﻌﻤل أو ﺑﺴﺒﺒﻪ

2

الإصابة ﺑﺄﺣﺪ أﻣﺮاض المهنة اﻟﻮاردة في ﺟﺪول اﻷﻣﺮاض المهنية الملحق ﺑﻘﺎﻧﻮن الضمان الاجتماعي، وأﻳﺔ أﻣﺮاض أﺧﺮى ﻳﻘﺮر ﻣﺠﻠﺲ إدارة المؤسسة إضافتها لهذا الجدول




Person Sewing Cloth on a Sewing Machine

لكن ما أهم مسببات إصابات العمل؟

لمعرفة ذلك قمنا بتحليل جداول مسببات إصابة العمل في التقارير السنوية للضمان الاجتماعي للأعوام العشرة الواقع بين 2013 و2022 وذلك لرسم صورة أكثر شمولاً عن مسببات إصابات العمل بعيداً عن تذبذبات الأرقام في الأعوام المختلفة وفقاً للظروف الاستثنائية في بعض الأعوام مثل كوفيد19 والحرب على غزة والذين كان لهما تأثير على القطاعات الاقتصادية في الأردن.

وتبين أن أعلى مسبب لإصابات العمل وبفرق واضح عن باقي الأسباب كان سقوط الأشخاص حيث تعرض ما يزيد عن 33 ألف عامل وعاملة لإصابات عمل بسبب السقوط خلال العشر أعوام المذكورة، يليها سقوط الأشياء بأكثر من 41 ألف إصابة. يليها أدوات العمل اليدوي برقم مقارب، والسير على الأشياء والاصطدام بها بأكثر من 9 آلاف إصابة هذا لإجمالي الإصابات.

ولكن كان من الملفت بأنه وعلى الرغم من اشتراك الإناث والذكور في المسبب الأول للإصابة سقوط الأشخاص، ولكن في المرتبة الثانية لمسببات الإصابة بالنسبة للإناث كانت عوامل مصنفة بأنها “عوامل أخرى” ضمن جداول مسببات الإصابة بدون تفصيل معين لظروف الإصابة وأما العامل الثالث المسبب للإصابة للإناث فجاءت تحت مسمى “بيئة العمل” بدون توضيحات لمعنى هذه الإصابة مما يدفعنا للتساؤل هل تعامل إصابات العمل لدى الإناث بجدية أقل وهل يتم تهميش أسباب الإصابات لدى الإناث عند تسجيل البيانات وتحليلها.

وبخصوص حوادث السقوط أكد السيد فراس شطناوي مدير إدارة السلامة المهنية وإصابات العمل في الضمان الاجتماعي سابقاً ورئيس المجلس العربي للسلامة والصحة المهنية والذي أجرينا مقابلة معه عبر زووم على أهمية تحليل أسباب الإصابة لتحديد الإجراءات المتبعة قائلاً “يجب أن نأخذ حادث السقوط ونعرف الأسباب التي أدت إليه. يمكن أن تكون الأرضيات غير مناسبة، أو أن الناس لا يرتدون الحذاء المناسب. في بعض المصانع الغذائية، قد تكون الأرض زلقة. في قطاع الإنشاءات، قد لا يتم اتخاذ تدابير السلامة اللازمة. وبالتالي، كل سبب من هذه الأسباب له طريقة حل.” بناءً على هذه الأسباب، نضع الطرق لحلها. فمثلاً إذا كنا على مستوى المنشأة، عندما نحلل الإصابات، نعرف مثلاً أن سقوط الأشخاص يتكرر في موقع معين. حينها، نبدأ بوضع طرق وقاية لتقليل عدد الإصابات.” ولكن بحسب الزعبي فإن التغيير لابد أن يتم على مستوى الدولة وليس على مستوى المنشآت فحسب فعملية المحافظة على صحة وسلامة العاملين هي مسؤولية مشتركة.”


واقع العمالة المهاجرة في الأردن

وفاة عامل “وافد” بالسقوط من مرتفع، وفاة عامل وافد نتيجة حريق …. عناوين أصبحت معتادة في وسائل الإعلام.. إن وفيات العمال المهاجرين أصبحت من الأخبار المتكررة وبشكل دوري ولا نعرف إن كان استخدام لفظ وافد هو طريقة غير مباشرة لتقليل التعاطف مع العامل المتوفي أو تقليل الاهتمام بالموضوع، ولكن ما نعرفه أن هذه الحوادث أصبحت تتكرر بشكل لا يمكن إنكاره. ولتحليل وضع إصابات العمل للعمالة المهاجرة حاولنا بداية تحليل واقع العمالة المهاجرة في الأردن. إن العمال المهاجرين يشكلون حجر أساس في الاقتصاد الأردني حيث بلغ عدد العمالة المهاجرة الحاصلة على تصاريح عمل في الأردن ما مجموعه 292,271 عاملاً عام 2022 وفقا لوزارة العمل. 3 ويعمل أغلبهم في القطاعات الحيوية التي تشهد عزوفاً من الأردنيين وبعض القطاعات التي تفتقر لمتطلبات العمل الجيد واللائق مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، وأيضاً تحديد ساعات العمل والأجور العادلة ويوضح الشكل أعداد العاملين في الأردن بحسب الجنسية:

من الملاحظ وجود عدد كبير جداً من العمالة المصرية في الأردن ما يقارب النصف. وتحل الأردن كثالث دولة من حيث الدول التي الأكثر استقبالاً للعاملين من مصر بعد السعودية والكويت وبلغ عدد العاملين المصريين الحاصلين على تصاريح عمل في الأردن ما يزيد عن 331 ألف عامل العام الماضي وفق التصريحات الأخيرة لوزير العمل السابق. 4 تليها الجنسية البنغالية التي يصل عدد العاملين منها إلى أكثر من خمسين ألف وفقاً لسفيرة بنغلادش وبخلاف العمالة المصرية التي يتركز معظمها في قطاع الإنشاءات والزراعة والمطاعم تتركز العمالة البنغالية في مصانع الملابس وقطاع العمالة المنزلية وتشكل النساء ما يزيد عن 08% من إجمالي العمالة البنغالية في الأردن حيث قدر عدد العاملات البنغاليات في الأردن وفقا لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية 6 ب أكثر من 01 الاف عاملة، أما في المرتبة الثالثة فتأتي العمالة السورية بنسبة 3.7% من إجمالي العمال المصرح لهم، حيث تم عمل تسهيلات لإصدار تصاريح عمل بكلفة مخفضة عن باقي الجنسيات وذلك مراعاة للتغير الديموغرافي الذي حصل في التركيبة السكانية في الأردن ووجود ما يزيد عن مليون لاجئ سوري في الأردن، ولكن ذلك لا يعني أن الوضع أصبح مثالياً فعلى الرغم من أن معظم السكان السوريين في الأردن من الشباب وفئة منهم من حملة الشهادات الجامعية إلا أنهم لا يستطيعون العمل إلا في قطاعات محدودة شأنهم شأن باقي الجنسيات ويحظر عليهم العمل في الأعمال المكتبية مما يضيع على الاقتصاد الأردني الاستفادة من كفاءاتهم على النحو الممكن.

أما بالنسبة لتوزع العمال المهاجرين على المحافظات الأردنية فيمكنك الاطلاع على الشكل التالي:

لكن هل فعلاً الأرقام تخبرنا بالحقيقة فيما يتعلق بالفئات الأكثر تضرراً؟

خلال دراسة البيانات الصادرة عن وزارة العمل حاولنا الإجابة على مجموعة من التساؤلات بخصوص إصابات العمل لدى العمال المهاجرين أولها هل عدد إصابات العمل لدى غير الأردنيين أعلى من الإصابات لدى الأردنيين؟ وقد كان الجواب على عكس المتوقع حيث تبين أن عدد الإصابات لدى للأردنيين المشتركين بالضمان الاجتماعي أعلى من نظرائهم غير الأردنيين المسجلين بالضمان الاجتماعي. مما يبدو غريباً وعلى عكس السائد عالمياً حيث يرتفع عدد إصابات العمل لدى العمالة المهاجرة وذلك وفقاً للتقرير الذي أعدته منظمة العمل الدولية والذي يشير للصحة والسلامة المهنية بين العمال المهاجرين وبينت أن ما نسبته 73% من الدول لديها نسب أعلى من الوفيات وإصابات العمل للعمال المهاجرين مقارنة بنظرائهم من العمال المحليين، لذا قمنا بالبحث بأهم هذه الأسباب محلياً ليتبين لنا التالي: بداية إن نسبة العمال المسجلين في الضمان الاجتماعي من العمال الوفدين قليلة جدا بالنسبة لإجمالي العمال حيث أن نسبة المسجلين في الضمان الإلزامي من الحاصلين على تصريح عمل كانت 26% تقريباً من العمال إلا أن هذه الأرقام لا تحكي القصة كاملة فكما أشرنا سابقاً فإن هناك العديد من العمال المهاجرين العاملين في القطاعات غير المنظمة كالإنشاءات والذين لا يخضعون للضمان الاجتماعي وذلك لعدم استيفاء الشروط الخضوع للضمان الاجتماعي، حيث يشترط الضمان لإخضاع العاملين بالضمان الإلزامي أن تكون مدة العمل الشهرية ستة عشر يوماً فأكثر حيث أن الضمان لا يقوم بتأمين إصابات العمل إلا للمشتركين فيه إلزامياً مما يعني عدم توفر إحصائيات كافية عن إصابات العمل للعمال المهاجرين غير المسجلين في الضمان الاجتماعي.

ثانيا عند النظر للعدد الإجمالي لحوادث العمل التي يتم التبليغ عنها انخفض عدد الحوادث التي يتم التبليغ عنها بشكل ملحوظ على الرغم من ارتفاع عدد العمال عبر السنوات ويعزى ذلك لعدة أسباب منها صعوبة الإجراءات وتكلفتها العالية للتبليغ ورفض العديد من الحالات وفقا لد. محمد الزعبي مما يجعل العمال لا يبلغون عن عدد كبير من الإصابات. وبالعودة للعمال المهاجرين فعلى الرغم من أن الوفيات الإصابية كانت أقل بين العمال المسجلين بالضمان من المهاجرين إلا أنه كان من اللافت أن خطورة الإصابات كانت اعلى ففي عام 2202 انتهى ما نسبته 8.0 من الإصابات بعجز كلي فوق 03% للمهاجرين مقارنة بما نسبته 0.4 للأردنين وللتأكد من هذه الفرضية تم تحليل بيانات عشر سنوات متتالية حيث قمنا بمقارنة نسبة الإصابات التي انتهت بعجز أكثر من 03 بين الأردنيين وغير الأردنيين وكانت دائماً النسبة أعلى لدى العمال المهاجرين بينما تقاربت النسب في الإصابات التي نتج عنها عجز أقل من 03 %.

بالإضافة للعوامل السابقة فإن هناك أسباب أخرى تمنع العمال الوافدين من التبليغ عن إصابات العمل مثل خوفهم من فقدان عملهم، أو الأسوأ التعرض للاحتجاز الإداري أو الإبعاد في حال تقدم صاحب العمل بشكوى أو تهديد العامل بمنعه من تجديد إقامته أو الحصول على عمل آخر في حال كانت الأوراق الثبوتية للعامل بحوزة صاحب العمل كما يحدث في الكثير من الحالات خاصة عمال الزراعة والعمالة المنزلية، حيث يقوم أحياناً أصحاب العمل بالتحفظ على أوراق العامل ومنعه من الحصول على عمل فيختار العامل عدم التبليغ. ب ومن العقبات الأخرى التي تواجه العمال المهاجرين احتمالية تعرضهم للاحتجاز التعسفي بناءً على اتهامات كاذبة من أصحاب العمل. فيتم إلقاء القبض عليهم دون تحقيق، ويواجهون خطر الترحيل القسري. يعيشون في السجون لفترات طويلة بانتظار البت في قضيتهم، بعيدين عن عائلاتهم ودون أي دعم.


القطاعات الأكثر خطورة وتفاوت غريب بين الجنسين

إن قبول الإصابة من الضمان لا يشكل سوى نقطة البداية فعندها تبدأ سلسلة من التحديات الجديدة، مثل احتمالية عدم الدقة في تقدير نسبة العجز في بعض الحالات وذلك مبالغة في محاولة منع التحايل مما يؤدي لظلم بعض الأشخاص. والإجراءات التي تأخذ وقت طويل قد تضطر العامل إلى الإستدانة أو بيع المدخرات لتسديد تكاليف العلاج التي قد تكون طارئة، بالإضافة لاحتمالية عدم الأخذ بعين الاعتبار المضاعفات التي قد تحصل مع العامل بعد إصابة العمل. والكلفة العالية التي قد تتطلبها تكلفة العلاج في بعض الحالات والتي لا تتوفق مع المبلغ المصروف من الضمان، بالإضافة إلى تفاوت الأجور الطبية بين القائمة المعلن عنها من الضمان حيث تعتمد الأجور القديمة ولم يتم تعديلها بعد أن عدل الأطباء لائحة الأسعار. إن إصابات العمل عبئ اقتصادي كبير على العامل وصاحب العمل والاقتصاد الوطني لذا إن تضافر الجهود لتقليل آثاره ونسب حدوثه لن تؤثر على العاملين فقط بل سيعود أثرها على المجتمع ككل، مؤخراً قام الضمان بإطلاق استراتيجية جديدة للسلامة والصحة المهنية مما قد تعد بارقة أمل لإصلاح القليل مما يجب إصلاحه.

Resources : coming soon

This project was funded bu ICFJ

en_USEnglish